المحطات الكبرى لتاريخ الكتاب المدرسي المغربي
خلال فترة الحماية إلى بداية العقد الثاني من الألفية الثالثة وهي تمتد حوالي قرن من 1912 إلى 2012 كان الكتاب المدرسي مصدًرا فريًدا للمعرفة وأداة تعليمية مركزية خاصة خلال فترة الحماية وفي أعقاب الاستقلال. كما أنه من المؤكد أن الكتاب المدرسي قد تعرض، سواء في تصوره أو في جوانب استخدامه، لتصورات مرتبطة في مجملها بالسياسات التربوية المختلفة فيما يتعلق بتطوير النظم التعليمية وبيئتها الاقتصادية. وتجدر الإشارة إلى أن الاهتمام بغياب التوثيق الدقيق لتاريخ الكتاب المدرسي دفع وزارة المعلمين إلى التفكير في أحداث فضاء ذاكرة الكتب المدرسية. يأتي إنشاءها من تنظيم معرض يوثق أهم المراحل التاريخية في إنتاج الكتب المدرسية. العمل بالموارد البشرية والمادية وآليات الإدارة التي تسمح بإحياء ذاكرة الكتاب المدرسي لتجاوز سلبيات فترة طويلة اتسمت بالنسيان و اللامبالاة، من خلال:
مكَنت عملية تعبئة المؤسسات التابعة لوزارة التربية الوطنية والشركاء في نظام التعليم (61 مؤسسة من الأكاديميات والمدعين العامين ومراكز التدريب ودور النشر) من جمع 17000 كتاب و 200 كتاب تقارير بحث ودراسة يدوية عن الكتاب المدرسي ومع ذلك ، لم تنجح مؤسسة الفضاء المذكورة أعلاه، حيث تم استثمار الكتب التي تم جمعها في معرض في صالة عرض الوزارة خلال دورات معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب. وتجدر الإشارة إلى بعض التجارب الدولية في هذا الصدد، مثل :
- برنامج الاستخبارات الأوروبية ، ويهدف إلى تطوير شبكة علمية وإعلامية من أجل البحث والحفاظ على الكتب المدرسية القديمة وتسهيل التبادل العلمي بين الدول.
- الرابطة الدولية لبحوث الكتب المدرسية، وهي جمعية لأغراض غير تجارية تسعى، من خلال البحث المعلوماتي ، إلى تحسين جودة الكتب المدرسية واستخدامها. كما يحاول معرفة مدى ملائمة هذه الكتب المستخدمة لقدرات واهتمامات واحتياجات المتعلمين.
مفهوم الكتاب المدرسي
الكتاب المدرسي مطبوع ومنظم ومخصص للاستخدام كجزء من عمليات التعلم والتدريب المتفق عليها، وهو الأداة الرئيسية المعتمدة لنقل المعرفة وتلقينها وتقديم ما يتعلمه المتعلم والمعلم، يحتاجه أولياء الأمور والطلاب من حيث المعرفة والأنشطة والتمارين الداعمة. على الرغم من تعدد تعريفات الكتب المدرسية وتنوعها، إلا أنها تجتمع مًعا لتجعلها إحدى الركائز الأساسية للعملية التعليمية. التعلم ويوصف في المدارس أنه مرادف للمنهج وأن المدرسة العربية في واقعها التربوي تستخدم الكتاب المدرسي باعتباره المصدر الأساسي الوحيد للتعليم.
نماذج من الكتب المدرسية المستخدمة في عهد الحماية بالمغرب
- كتاب القراءة المصورة: كتاب في 5 مجلدات، نشر عام 1932، من تأليف مجموعة من الأساتذة، وهو كتاب أصدرته وزارة التربية والتعليم في لبنان وسوريا والعراق والمملكة الهاشمية من الأردن. كتاب البداية في التهجي والمطالعة: نشرته دار المعارف في مصر عام 1953، قامت مجموعة من المعلمين بتأليفه وهو كتاب قررت وزارة التربية والتعليم تدريسه لرياض الأطفال
- كتاب اختار في المحفوظات: صدر الجزء الثاني منه عام 1954، بقلم محمد بن محمد الربيع، مدير جماعة مولاي إسماعيل في تطوان، وفي أعلى صفحة الغلاف والصفحة الأولى. قررت وزارة التربية والتعليم أن يتم تدريس هذا الكتاب في مدارسها الابتدائية.
كانت هذه العناوين أمثلة على الكتب المدرسية المستوردة المستخدمة في الحماية الفرنسية والتي غالًبا ما كان لها محتوى غريب عن المجتمع المغربي.
الكتاب المدرسي بعد الاستقلال
وجد المغرب نفسه بعد الاستقلال في مواجهة التعليم الاستعماري النخبوي والمتشعب أساسا لترسيخ الاحتلال وتدمير جذور الهوية الوطنية إذ أن الأهداف الرئيسية جاءت للمدرسة الوطنية الموحدة للتعبير على الرغبة الشديدة في تجاوز الميراث الاستعماري وجعل التعليم طريقا للنهضة الحقيقية. لم تعتقد فرنسا أن ما كانت تفعل في مجال التعليم يمكن أن يصبح سبب طلب سياسة بديلة حول هذا الموضوع ، ولكن كان مقتنعا أنهم كانوا ينجزون إنه يسير في الاتجاه الصحيح لتنفيذ مشروعه التعليم العام في المغرب العربي الذي بدأته في الجزائر ثم في تونس. ومع ذلك، فإن الجوانب التي تبنتها في تطوير وتنفيذ هذا المشروع هي التي دفعت كيان الشعب المغربي وقادته إلى النظر في المبادئ التي كانت تعتبر فيما بعد ركائز السياسة التربوية لمغرب مستقل.
مرحلة التأليف الأكاديمي
مع بداية الاستقلال، بدأ مجال كتابة الكتب المدرسية يحظى باهتمام أكبر من المؤلفين والناشرين المغاربة. وهكذا، فإن بعض الكتب المدرسية التي كتبها ونشرها وطبعها المغاربة داخل المغرب قد شقت طريقها تدريجيًا لتأخذ مكانها بين الكتب المدرسية المستخدمة في المؤسسات التعليمية المغربية، ولاسيما الكتب المتعلقة بالتعليم و اللغة العربية التي كانت سابقة في هذا المجال.
نماذج من الكتب المدرسية التي عرفتها في السنوات الأولى للاستقلال
- تلاوة عربية: بالنسبة للمدارس المغربية، صدر عن دار الكتاب بالدار البيضاء عام 1975، وكتبه مجموعة من المعلمين. و تأتي السلسلة في خمسة أجزاء تهدف إلى ملء الفراغ الذي يشعر به المعلمون المغاربة بسبب عدم توفر الطلاب في المغرب للكتب المدرسية التي تتوافق مع واقع المغرب وتوجه طلابه في بيئتهم الذين يعيشون هناك..
- تلاوة مفسرة: كتب قسم الشهادة الابتدائية بن بنحيدة عبد اللطيف، الصادر عن مكتبة السلام ومكتبة المعارف عام 1968
فترة الكتاب المدرسي الرسمي الوحيد
بدأ الإشراف المباشر من قبل وزارة التربية الوطنية على تكوين المدارس في أوائل السبعينيات من القرن الماضي للتعليم الإعدادي والثانوي وفي أوائل الثمانينيات للتعليم الابتدائي هذه المرحلة التي من المفيد تقسيمها إلى محطتين منفصلتين تميزت بشيئين:
- الأول هو تعريب تدريس الفلسفة والاجتماعات والتعريب التدريجي لمواد العلوم في التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي.
- الثاني اعتماد التعليم الأساسي ومشروع التنفيذ مع دخول المدرسة 1985/1986 تم توحيد الكتب المدرسية المستخدمة رسمًيا في المؤسسات التعليمية المغربية على المستوى الوطني (الكتاب المدرسي الوحيد) منذ بداية السبعينيات.